كل أرضنا جنّة حتّى لو تضاربت التسميات… من وادي جنّة إلى وادي جهنّم

In collaboration with Annahar platforms: https://www.annahar.com/arabic/article/878922-كل-أرضنا-جنة-حتى-لو-تضاربت-التسميات-من-وادي-جنة-إلى-وادي-جهنم-صور-وفيديو   

على الرغم من كل شيء، أتابع تسليط الضوء على حقيقة أنقلها كما أراها، لعلّها تنوّر صباحكم وتهدئ ليلكم متى تصفحتموها، آملة أن تدلكم على إحدى الطرق للهروب من الضغوطات النفسية اليومية. فمن الثابت علمياً أن الرياضة والطبيعة تساعدان على مقاومة المشاعر السلبية، فكم بالحري إذا ما اقترنا سوياً بنشاط في أحد أيام الأسبوع على الأقل! وقد رُزقنا بطبيعة خلابة ومتنوعة في شتى الطرق، فلمَ لا نتنعم بما هو حق لنا؟ ولكن طبعاً، من دون المساس بها، حفاظاً على المساكن الطبيعية والنظم الإيكولوجية، وبالأخص من دون ترك أي نفايات أو أثر خلفنا.

رحلتنا اليوم ستقرّب واديين من قضائين مختلفين واسمين متضاربين، لكن يجمعهما واقع مميز من طبيعة تزخر بأحد أغنى المحيطات الحيوية، بما تحويه من نباتات نادرة، وحياة برية، ونظم إيكولوجية فريدة.

من وادي جنّة، الذي اكتسب اسمه من جمال طبيعته الأخاذ، إلى وادي جهنّم، الذي ظلم باسمه على قدر ما هو جنّة الجنائن، ننطلق في رحلة مغامرة، إذ يتطلب كل مسار منهما الصعود والنزول شبه الحاد في بعض أجزائه، مما يستدعي مستوى معيناً من اللياقة البدنية. وهنا يجدر التذكير بأن لبنان غني بالمحميات الطبيعية التي توفر إمكانية التنزه من دون مجهود يُذكر. تقع منطقة “جنّة” في قضاء جبيل (62 كلم من بيروت) وعلى ارتفاع 700 م تقريباً عن سطح البحر. أمّا “وادي جهنّم” فيقع في أقصى شمال .قضاء الضنية ـ محافظة عكار (138 كلم من بيروت)، وعلى ارتفاع 800 إلى 2000 م عن سطح البحر

وادي جنّة

يخترق نهر إبراهيم هذا الوادي، ممتداً بين جبيل وكسروان، وهو موقع ذو أهمية في الأساطير اليونانية، حيث ارتبط بالإله أدونيس. وقد نُسب تحوّل لون مياهه إلى الأحمر في فصل الربيع (بسبب جرف التربة) إلى دم الإله، الذي سُكب في هذا النهر عند مقتله بأمر من الإلهة آريس، حين أرسلته لتهاجمه خنازير برية، فاختلطت دماؤه بدموع عشتروت.

يمتاز النهر بثروته البيئية الممتدة على طوله، وقد ضُمّ إلى محمية جبل موسى، حيث تنمو على ضفافه نباتات نادرة يُعتقد أنها انقرضت في أماكن أخرى، وفقاً لما يؤكده الباحثون.

لنبدأ رحلتنا بين الصخور الجبلية المحيطة بالوادي، حيث ننحدر تدريجياً وصولاً إلى مساحات شاسعة من الأراضي، أولها مزروع بأشجار التفاح، وآخرها أرض بالكاد لامستها أقدام البشر، كما يتضح من طبيعتها البرية البكر.

عند الوصول إلى أسفل الوادي الخصيب، حيث يجري نهر إبراهيم محتضناً بين القمم الصخرية لجبل لبنان، نكتشف غنى المنطقة بأشجارها الوارفة. وهنا، في هذا الجزء من النهر، تغطي المياه خيوط لا نهائية من النباتات المائية، التي تتماوج في تياراته الضحلة في هذا الوقت من السنة، لتشكل لوحات طبيعية نادرة الجمال.

ونعود من حيث أتينا، ومن ثم إلى خضم أيامنا الأسبوعية، حاملين في ذاكرتنا ما يشبه الحلم، الذي تحرسه الصور بعد أن تختفي ملامح الأرض عن أعيننا.

وادي جهنّم

يعتبر هذا الوادي الأعمق في لبنان، وربما في الشرق الأوسط، إذ يصل عمقه إلى مئات الأمتار، محفوراً بين جدران صخرية شاهقة، وبارتفاع يتراوح بين 850 و2000 متر عن سطح البحر. وهو غنيّ بأحراج الصنوبر والشوح، ويضم غابات كثيفة وعدداً من الينابيع الطبيعية، إذ يُعد من أغنى مناطق لبنان بالمياه، نظراً لكونه يستقطب مياه الضنية وجبال عكار، كما تتشكل عند حدوده منابع نهر البارد الشمالي.

هو وادي جنّة بكل ما للكلمة من جمال، معروف بتنوعه البيولوجي بحيث يضم اكثر من 2200 نبتة، معظمها من النوع النادر، ولكن أطلق عليه اسم جهنّم لما عاناه الجنود الفرنسيون من عذاب خلال الحرب العالمية ، كما يخبر الأهالي، ومن مشقّة قطع الأشجار ونقلها عبر مسالكه الوعرة والخطرة. كما أنّ صعوبة تسلّق جباله الوعرة ذات الانحدار الشديد ساهم في هذه التسمية، بالإضافة إلى بعض الأقاويل الأخرى من هنا وهناك.

رحلة عبر وادي جهنّم

تبدأ رحلة المشي من إحدى القرى، ننطلق صعوداً، مارّين بالبساتين الغنّاء المزروعة بأشجار التفاح والدراق والخضار، حيث تبرز نبتة اللوبياء كإحدى المحاصيل الأكثر شيوعاً في هذه المنطقة.

ومن هناك، نتابع تقدمنا نحو منطقة برية نادراً ما وطأتها أقدام البشر، حيث الماعز والرعاة هم الزوار الدائمون لهذه الأراضي الممتدة تحت غطاء نباتي متنوع، تتجاوز بعض نباتاته طول الإنسان، لتخلق مشهداً مذهلاً من العزلة والطبيعة البكر، وكأن الزمن لم يمرّ من هنا.

من جدرانه الصخرية الشاهقة، إلى أعماق واديه السحيقة، ومن ثم صعوداً من جديد، تنسج هذه الرحلة لوحة فنية مكوّنة من ألف مشهد، تأسر النظر وتنسي الجسد مشقة الطريق، خاصة في محطاتها الأكثر تحدياً، حيث تصبح لحظات الجمال عصية على التصوير، بفعل وعورة الممرات وصعوبة اللحظة نفسها.

وكما في كل مسار جبلي مميز، نجد ينابيع وشلالات متناثرة على امتداد الدرب، كان آخرها نقطة تجمع لأطفال المنطقة المحظوظين، الذين يتمتعون بكنوز طبيعية لم يحظَ بها أطفال المدن.

هل نحن جديرون بنعم الطبيعة؟

ويبقى السؤال الأجدى دوماً، هل نحن جديرون بما أُعطينا من نعم طبيعية نادرة في البعض منها وخارقة الجمال والكمال في البعض الآخر؟ متى سنعي ضرورة الحفاظ على بيتنا، بيئتنا، طبيعتنا التي هي طريق خلاصنا من التلوث وملجؤنا عند التعب من الحياة اليومية، وأساس وجودنا بحيث لا وجود لنا من بعدها!!

#مش_كل_ما_كزدرنا_وسّخنا_ورانا #بلا_بلاستيك #بيئتنا

#theforgottensolution #nature4climate

 يمكنكم متابعة تجوالي عبر الـ الستوريز على صفحتي في انستغرام

وفي فايسبوك على هذا الرابط (اضغط هنا), وعلى تويتر

كذلك يمكنكم تصفح المدوّنة الخاصة على الرابط التالي: (اضغط هنا)

Copyright Notice and Sharing Policy

All content, including photographs and articles, is protected under copyright and is not permitted for business or commercial use. Photographs may be reposted on social media platforms only with proper credit and by tagging Nidal Majdalani’s social media accounts. Articles may be shared in their original form but cannot be copied, reproduced, or republished without prior written permission.

Previous
Previous

بالصور- صوفر الساحرة... الفندق، الكورنيش، الضباب وقصص خيالية!

Next
Next

في خبايا الهرمل ونهر العاصي... قصص كثيرة جديرة بالاكتشاف