راشيا الوادي عروس جولتي البقاعية… استقلال وجمال وأكثر!

 In collaboration with Annahar platforms: https://www.annahar.com/arabic/article/904054-راشيا-الوادي-عروس-جولتي-البقاعية-استقلال-وجمال-وأكثر

في هذا الأسبوع الذي أحيت فيه البلاد ذكرى الاستقلال—وأشدد على كلمة “ذكرى”—يبقى رجائي الأهم أن يتحرروا فعلياً من سطوة “الأنا”، ويصلوا إلى توافق يُرسِي الوطن على ضفاف الاستقرار السياسي والاقتصادي. عندها فقط يمكننا أن نبدأ جدياً بمعالجة الأولويات الأخرى، وعلى رأسها وقف التعدي على جبالنا وطبيعتنا، ولكن بعد ضمان حياة كريمة للإنسان في كل جوانبها.

كزدورة إلى مدينة الاستقلال

وانطلاقاً من هذه المناسبة، ولدعم “مدينة الاستقلال”، رأيت أن أشارككم بمشروع “كزدورة” يمكن القيام به خلال يوم واحد، حتى لو كان الانطلاق من بيروت. هذه الرحلة غنية بالمشاهد الخلابة، سواء على طول الطريق المؤدية إليها أو في البلدة نفسها، وهي تدمج بين التراث العريق والتاريخ الذي لا يخون. وطبعاً، لا تكتمل “الكزدورة” من دون تجربة سفرة مميزة!

أليس هذا خياراً مثالياً لقضاء يوم عطلة، بدلاً من البقاء بين أربعة جدران أو الاكتفاء بنزهة إلى مطعم؟

راشيا الوادي… حيث كتب تاريخ الاستقلال

لا يخفى على أحد أن راشيا الوادي هي “مدينة الاستقلال”، حيث تقف قلعتها الشامخة شاهدةً على اللحظة التي سُجن فيها رجالات الاستقلال عام 1943، خلال النضال ضد الانتداب الفرنسي. قد تكون تفاصيل القصة محفوظة في كتب التاريخ والمراجع الرسمية، لذا لن أغوص فيها، لكنني سأسلّط الضوء على بعض زوايا هذه القلعة العريقة، علّها تلهمكم لزيارتها.

الانطلاق من بيروت… واستراحة بطعم الضيافة الريفية

انطلقتُ إلى راشيا الوادي من بيروت في صباح يوم أحد، برفقة متابعي عبر البث المباشر الستوريز على إنستغرام. تبعد البلدة حوالي 85 كلم عبر طريق شتورا – المصنع، أو يمكن الوصول إليها عبر طريق مرجعيون – حاصبيا بمسافة 33 كلم. تقع راشيا ضمن قضاء يحمل اسمها في محافظة البقاع، على سفح جبل الشيخ (حرمون)، ويتراوح ارتفاع أراضيها بين 1300 و2800 متر فوق سطح البحر، وصولاً إلى قمة الجبل.

وقبل الوصول، لمَ لا نأخذ استراحة صباحية للاستمتاع بترويقة لبنانية أصيلة في مزارع دير تعنايل (قضاء زحلة)؟ هناك، يمكنكم التجوّل في أرجاء الأراضي المزروعة بأشجار مختلفة، والاستمتاع بمنظر البحيرة التي تحتضن طيور البط. لحظة وصولي، كانت الطبيعة في حالة “سيستا”، كما تظهر في لقطتي الموثّقة!

ولمن لا يرغب في الذهاب بعيداً، يمكنه قضاء وقت ممتع في أرجاء الدير، سواء بالتنزّه، أو استئجار دراجة، أو ركوب عربة خيل وسط الطبيعة، قبل استكشاف مدينة زحلة والاستمتاع بوجبة غداء شهية.

نحو راشيا… عبر الطبيعة والتراث

أما لمن يهوى النشاط والمغامرة، فلتكن وجهته التالية راشيا، على بعد 40 كلم من تعنايل. الطريق إليها ساحرة، تمر عبر أراضٍ زراعية شاسعة، تتناثر حولها القرى، فيما يظهر إلى الشمال مفرق بلدة عنجر. على الطريق، ستلفت نظركم المحالّ الصغيرة التي تعرض منتجات الحِرَف التقليدية للمنطقة.

وصلتُ أخيراً إلى البلدة التي يحدّها قضاء البقاع الغربي غرباً، قضاء حاصبيا جنوباً، قضاء زحلة شمالاً، والحدود السورية شرقاً. وما أن وطأت قدماي ساحة البلدة الرئيسية، حتى التقيت بأحد كبار السن، رجل محبّ لقريته، يفتح محله يوم الأحد رغم قلة الزائرين. شكا لي قلّة الإقبال على المحالّ المحلية، وهو ما يلامس صميم قضيتي وهدفي: دعم القرى وسكانها، ولو بزيارة نقتني فيها بعض منتجاتهم أو نجرب وجبة محلية. ألسنا جميعاً أبناء هذا الوطن، ومصلحتنا واحدة؟ أليس من واجبنا دعم القروي ليبقى في أرضه، فيحميها من كل طامع؟

قضيتُ وقتاً ممتعاً أتجول في متجره، أتأمل الراديو القديم، وأتفحص جزدان العروس التقليدي الذي كانت تملؤه بالنقود كجزء من عادات الزواج القديمة. في كل ركن، قصة وحكاية. وبعد شكري له على استقباله ودعمه، ودّعته متوجهاً إلى السوق التاريخي، حيث أرضيته الحجرية، أبوابه الخشبية، وأبنيته القديمة تحفظ روح الماضي.

قلعة الاستقلال… حيث يسكن التاريخ

في طريقي إلى القلعة، مررتُ بعين المياه الأثرية، المبنية من حجر راشيا القديم، والتي يبلغ عمقها 54 درجة. وبينما كنت أتابع طريقي، لفتتني البيوت التراثية ذات الأسطح القرميدية الحمراء، المنتشرة على طول أزقة البلدة، تضفي عليها سحرًا خاصًا يعكس عراقتها وتاريخها الأصيل. ثم وصلتُ إلى القلعة التي تعود إلى القرن الحادي عشر، والتي لا تزال جدرانها تحفظ صدى حكايات الاستقلال.

في زوايا غرف الاعتقال، يمكنكم تخيّل كيف كان السجناء يتلقون طعامهم من فتحات في السقف، فيما تروي الصور التاريخية المعلقة تفاصيل أيام المجد والنضال.

شجرة الأمنيات… لمسة من التقاليد الشعبية

قبل مغادرة البلدة، مررتُ بشجرة الأمنيات أو “النذور”، حيث يعلّق الزوار قطعاً من قماشهم الخاص، متمنّين أمنية لعلها تتحقق. أما أنا، فتمنّيتُ أمنيتين من القلب … ويمكنني القول إن أمنيتي الكبرى تسير في طريقها الصحيح لتتحقق!

مسك الختام… بين التراث والطعام

ومن ساحة البلدية، حيث يلتقي التاريخ بالحاضر، أنهيتُ رحلتي بهذه الصورة التي تختصر حكاية وطن، حيث تتعانق أديانه المتنوعة تحت راية السلام والاحترام والمحبة المتبادلة.

أما مسك الختام، فكان بزيارة عنجر، للاستمتاع بمزيج المطبخ اللبناني – الأرمني، وتوديع الشمس من قلب مدينتها الأثرية. أو ربما تفضّلون العودة إلى قضاء زحلة، للاستمتاع بطبيعتها وسفرتها التقليدية.

دمتم بخير حتى لقائنا المقبل، وكلنا أمل بأن يسطع النور في سماء وطننا، فننعم بجماله، كما يستحق!

لمتابعة مغامراتي الأخرى، يمكنكم مشاهدة الستوريز هذا المشوار على حسابي في إنستغرام، بالإضافة إلى مشاركاتي على فيسبوك، تويتر، ومدونتي

Copyright Notice and Sharing Policy

All content, including photographs and articles, is protected under copyright and is not permitted for business or commercial use. Photographs may be reposted on social media platforms only with proper credit and by tagging Nidal Majdalani’s social media accounts. Articles may be shared in their original form but cannot be copied, reproduced, or republished without prior written permission. 

Previous
Previous

بالصور: كفرذبيان جسر طبيعي الى المملكة البيضاء

Next
Next

بالصور: مشواري اليوم إلى اعالي كسروان... حيث وادي الصليب