الشوف: روائع الطبيعة من الجبال الشامخة إلى محمية أرزه الخالدة

 يُعتبر قضاء الشوف من أجمل مناطق لبنان، ممتدًا من شاطئ البحر المتوسط غربًا وصولًا إلى قمم جبل الباروك التي تعانق السماء على ارتفاع 2000 متر، وذلك ضمن مساحة تبلغ 495 كلم² في قلب محافظة جبل لبنان.

يعود هذا الجمال الفريد إلى تنوع الطبيعة التي تزين المنطقة، حيث تمتد جبالها شامخة ومحافظة على نقائها بعيدًا عن أي تشوه عمراني. أما أهلها، فإلى جانب تمسكهم بالتراث والعادات والتقاليد وكرم الضيافة، فهم أيضًا يدركون جيدًا أهمية الحفاظ على أرضهم، بخضرتها النابضة بالحياة، وبيئتها الغنية بتنوعها البيولوجي، مما جعلهم مثالًا يُحتذى به في صون الطبيعة وحمايتها.

وكلما ارتقينا صعودًا بين جبالها ووديانها، نجد أن الكلمات تعجز عن وصف روائع أنهارها المتدفقة، وشلالاتها المتلألئة، ونباتاتها وأشجارها الباسقة، وعلى رأسها أرزها الشامخ، الذي يتجاوز عمر بعض أشجاره ألفي عام، فيقف شاهدًا على تاريخ المنطقة العريق، الذي يزخر أيضًا بإرث حضاري ومعماري وثقافي أصيل.

أما عن أرزها، فهو يحتضن محمية أرز الشوف الطبيعية، التي تُعدّ من أكبر المحميات في لبنان وآخر امتداد للأرز جنوبًا. أُنشئت المحمية عام 1996، وصُنّفت عام 2005 كمحمية محيط حيوي من قبل منظمة اليونسكو، وتضمّ 22 قرية، يقع 70% منها ضمن قضاءَي الشوف وعاليه، بينما يمتدّ الجزء المتبقي في البقاع الغربي.

 وهي مقسّمة إلى ثلاث غابات أرز رئيسية: الباروك، معاصر الشوف، وعين زحلتا- بمهريه، وتمثّل ربع ما تبقّى من غابات الأرز في لبنان، وكل غابة لها ميزتها الخاصة ومشوَتها الاستثنائية في أي فصل كان، وفي أي وقت، كما سترون من خلال لقطاتي تباعاً، إذ إنني مشيتها وخيّمت فيها مرات لا تحصى في هذه السنة، آخرها كان منذ أسبوعين، وما زلت أتطلع قدماً للمزيد من المغامرات في أأرجائها الخلابة.

غابة أرز معاصر الشوف (7 هكتارات) تضمّ أقدم أشجار الأرز، وفيها عدة مسيرات تختلف بالصعوبة والمسافة، وكنت قد انطلقت منها إلى محمية أرز الباروك. كما أن قرية معاصر الشوف من أجمل القرى ذات الطابع التقليدي.

أما غابة أرز الباروك (40 هكتاراً) فتضمّ بحيرة اصطناعية ومساحات شاسعة وعدة مسيرات، منها السهل أيضاً، وكنت قد مشيتها منذ بضعة أشهر والتقيت بمجموعات كبيرة قاصدة الاستجمام والنشاط الرياضي.

ومشيت في غابة أرز عين زحلتا-بمهريه (110 هكتارات) مرات عديدة، آخرها منذ أسبوعين، حيث التقيت بعدد لا يستهان به من السياح الأوروبيين. تضم الغابة عدة مسارات، معظمها يتجه صعوداً، لكنها ليست شاقة، كما يمكن ركوب حافلة للوصول إلى أعلى نقاطها والاستمتاع بمناظرها الخلابة. وبالقرب منها يوجد مخيّم مجهّز بجميع المرافق الأساسية، حيث يمكن للزوار قضاء الليل والاستمتاع بجوٍّ منعشٍ تحت سماء مليئة بالنجوم.

جمال هذه المنطقة لا يقتصر على أوقات النهار، فهي جارة القمر ومقصد محبّي السهر تحت النجوم، والنهوض على زقزقة العصافير مع قرصة برد ولو بعزّ الصيف.

ويبقى الأمل معلقًا بأن تُصان طبيعتنا في كافة أرجاء الوطن، وأن تمتد أرزتنا العريقة على قمم جبالنا جميعها، رمزًا للخضرة والخلود.


إلى حين لقائنا المقبل هنا، يمكنكم متابعة جولاتي في أرجاء هذا الوطن ومقالاتي على مدوّنتي Travelling Lebanon Blog @

وعبر حساباتي Instagram @ nidal.majdalani

 facebook @ Travelling Lebanon @ Nidal Majdalani

Twitter @ Nidal Majdalani

#مش_كل_ما_كزدرنا_وسّخنا_ورانا

#nidalmajdalani #travellinglebanon #نضال_مجدلاني

Copyright Notice and Sharing Policy

All content, including photographs and articles, is protected under copyright and is not permitted for business or commercial use. Photographs may be reposted on social media platforms only with proper credit and by tagging Nidal Majdalani’s social media accounts. Articles may be shared in their original form but cannot be copied, reproduced, or republished without prior written permission. 

Previous
Previous

سهل البقاع ومستنقعات عميق... من الأجمل والأهم بيئياً

Next
Next

عيون أرغش واحة جمال غارقة وسط المرتفعات... لا تفوّتوا زيارتها